أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا هِيَ رِحْلَةٌ لِلْبِرِّ. وإِنَّ وَاجِبَنَا فيها هُوَ الْإِيمَانُ وَالْقِيَامُ بِالْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ وَجَعْلُ الْخَيْرِ يَعُمُّ الْأَرْضَ. وَوَاجِبُنَا الْأَسَاسِيُّ هُوَ تَجَنُّبُ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ وَالْقَبِيحَةِ وَالضَّارَّةِ وَمَنْعُ حُدُوثِهَا.
إِنَّ الْبِرَّ؛ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَهُوَ التَّصَدُّقُ عَلَى ٱلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسٰكِينِ وَالغارمين وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَالْيَتَامَى وَالْمُحْتَاجِينَ. وَهُوَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَالْوفَاءُ بِالْعُهُودِ. وَهُوَ التَّعَاوُنُ فِي السراء والضَّرَّاءِ، وَهو الشُّكْرُ لِلَّهِ تَعَالَى دائماً وفي كل الأحوال.
اَلْبِرُّ؛ هُوَ أَنْ نَكُونَ عُبَّادًا مُخْلِصِينَ، وَأَبْنَاءًا مُحْتَرَمِينَ، وَأبَاءًا حَنُونَيْنِ، وَأَزْوَاجاً مُخْلِصِينَ. وَأَنْ نُتشَارِكَ مع أَقَارِبِنَا وَجِيرَانِنَا أَفْرَاحَهم وَأَتْرَاحَهُمْ. اَلْبِرُّ؛ هُوَ الْعَطْفُ عَلَى الْمَظْلُومِينَ وَالْمُشَرَّدِينَ وَالْمَرْضَى وَكِبَارِ السِّنِّ ، وهو حب الخير للأخرين.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
لِذَا وَقَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ دَعَوْنَا نُضِيفُ مَعْنىً البرَ لِحَيَاتِنَا. وَلْنَقُمْ بِالْبِرِّ تجاه ربنا وتجاه الناس. وَلْنَمُدَّ أَيْدِينَا لِلْمُحْتَاجِينَ بِكُلِّ عَطْفٍ وَشَفَقَةٍ. وَلْنَعْطِفْ عَلَى مَنْ كَانَ وَحِيدًا بِكُلِّ رَأْفَةٍ وَمَحَبَّةٍ. وَدَعَوْنَا لَا نَنْسَى أَنَّ اَلشَّرَّ لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ بِالشَّكْوَى مِنْهُ فحسب، بَلْ بِالْوُقُوفِ أَمَامَهُ وَنَشْرِ الْخَيْرِ. وَالْبِرُّ لَيْسَ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُقَالُ أَوْ يُكْتَبُ أَوْ يُقْرَأُ. بَلْ أَصْلُ الْبِرِّ هُوَ فِعْلُهُ وَالْقِيَامُ بِهِ.
قال تعالى ” لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلْكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۦنَ وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَٰهَدُواْ ۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِى ٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ ۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ “[i]
[i] سُورَةُ الْبَقَرَةِ، 2/177.
“خطبة الجمعة مسجد طوكيو ” اَلْحَيَاةُ الدُّنْيَا هِيَ رِحْلَةُ لِلْبِرِّ .(PDF)